امتدت الأزمة المالية العالمية خلال الاسبوع الماضي، وامتدت قائمة الدول التي تطلب مساعدة الدول الغنية والمؤسسات الاقتصادية الدولية لها للتعامل مع الأزمة، فبالإضافة إلى الضحية الأولى آيسلاند، هناك الآن المجر، أوكرانيا، جورجيا، روسيا البيضاء، باكستان... وغيرها. المشكلة هي أن الدول التي عادة ما تستطيع المساعدة هي اليوم في وضع لا تُحسد عليه، وهي بحاجة إلى دعم نظمها المالية بمبالغ غير مسبوقة لمنعها من الانهيار. أما صندوق النقد الدولي فإن إمكانياته المالية لن تستطيع التعامل مع الأزمة دون دعم من الدول الأعضاء القادرين.
ومن هنا توجهت الأنظار إلى دول الخليج، بسبب فوائضها الكبيرة أولاً. وذلك أحد الأسباب التي دفعت جوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني، إلى زيارة المنطقة في هذا الوقت. وقد برز براون، وهو وزير مالية سابق، كأحد أهم مهندسي معالجة الأزمة المالية العالمية، إذ تبنّت أوروبا، ثم الولايات المتحدة، الحلول التي قدمها بهذا الخصوص. ويسعى براون الآن إلى دعم قدرات صندوق النقد الدولي على التصدي للأزمة. وعبّر الرئيس براون في مستهل زيارته للمنطقة التي بدأت مساء السبت عن أمله أن تقوم الدول المصدرة للنفط بتقديم دعم ملموس للصندوق،خاصة أن تلك الدول، حسب قوله، قد حصلت على أكثر من تريليون دولار نتيجة ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة.
وفي نفس الوقت تأمل بريطانيا أن تقنع المستثمرين في الخليج بزيادة استثماراتهم فيها، وتتمنّى ألا يلقوا بالاً للنزعات المعارضة لذلك، مثل تلك المعارضة القوية بسبب الإعلان عن عزم بعض المستثمرين الخليجيين على شراء حصة في بنك باركليز، وهي معارضة قد تكلف أولئك المستثمرين الكثير في نهاية المطاف.
بالإضافة إلى حجم الفوائض الخليجية التي تستحث شهية الدول الأخرى والمؤسسات المالية الدولية للاستفادة منها، فإن هناك عاملاً آخر يدفعهم إلى طلب المساعدة وهو التأكيدات المستمرة بأن الأزمة المالية العالمية لم تمسّ دول المنطقة ولم تؤثّر على مدخراتها أو مؤسساتها المالية أو دخلها، على الرغم مما ينشر من تقارير بأنه لم ينجُ أحد تقريباً من تداعيات هذه الأزمة، فضلاً عما هو متوقع من أن الركود الاقتصادي العالمي وانخفاض سعر النفط خلال الأسابيع الأخيرة يؤذنان بركود اقتصادي في منطقتنا مالم نتخذ إجراءات احترازية لذلك.
السؤال الآن: هل من مصلحة دول مجلس التعاون أن تقدم العون الذي يُطلب منها؟ ولمن تقدمه؟ ومن يديره؟ وهل من حقها أن تحدد الظروف الملائمة لتقديم العون؟ هذا ما أرجو أن أتحدث عنه في الأسبوع القادم.