يعتقد المسلمون أن يوم القيامة شديد الكرب عظيم الأهوال على الكّفار و الفاسقين ، في ذلك اليوم الذي لا ملجأ منه الا بالالتجاء إلى الله ، ولا مهرب منه إلا بالهروب إليه . وقد تعهد الله لأصناف من عبادة بألا يتعرضوا لهذه الأهوال وتلك الشدائد بل ينالون حمايته ورعايته ورحمته ، إذا ما اتصفوا بواحدة من الخصال الواردة في الحديث الآتي : " عن أبي هريرة عن النبي محمد قال : سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمامٌ عدلٌ ، وشابٌ نشأ في عبادة الله ، ورجلٌ قلبه معلقٌ في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجلٌ دعته امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقال : إني أخاف الله ، ورجلٌ تصدّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" في هذا الحديث النبوي يبين الرسول محمد أصنافاً من عباد الله لا يتعرضون لأهوال يوم القيامة و شدائده بل يكونون في حمايته ورعايته ورحمته جزاءً لما قدموه من أعمال صالحة في الحياة الدنيا ، وفيما يأتي تبياناً لهذه الأصناف السبعة .
الإمام العادلجعل الرسول محمد الامام العادل في هذا الحديث النبوي الشريف في طليعة من يتفضل الله عليه يوم القيامة بتأمينه من أهوالها وشدائدها . وفي هذا إشارة إلى عظم دوره في تحقيق مصالح الناس ومنافعهم كافة ، وخطورة منصبه القائم على تنفيذ الأحكام الشرعية من غير إفراط ولا تفريط ؛ فعليه تقع مسؤولية إنصاف المظلوم ، ونصرة الضعيف ، وتلبية حاجات المحتاج ، وبث الأمن و الاستقرار في نفوس رعيته وتحقيق الحياة الكريمة لهم ؛ لذا كان جزائه في الآخرة من جنس فعله في حالتي عدله وتقصيره .شاب نشأ في عبادة الله
خلق الله الناس جميعاً لعبادته . و العبادة في الإسلام تشمل أداء الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج وما يتعلق بهما من تلاوة للقرآن الكريم و الدعاء ، كما تشمل كل قول وعمل يلتزم به المسلم مرضاة الله من إخلاص في النية وصدق في الحديث و أمانة في العمل وسعي في تحقيق رفعة وطنه وخدمة أمته .
فإذا ما شبَّ الإنسان من ذكر أو أنثى على عبادة الله ، وحرص على التمسك بها وملازمتها في شبابه بالرغم من غلبة الشهوة وقوة الباعث على اتباع الهوى ، دل ذلك على شدة تقواه لله وغلبة محبته لدينه هوى نفسه وشهوتها ؛ لذلك يستحق أن ينال ثواب الله وحمايته ورعايته ورحمته يوم القيامة.
رجلٌ قلبه معلق بالمساجد و الصلاة فيهاالمسجد هو المكان الذي جعله الله لعبادة المؤمنين ؛ لإظهار فريضة من أكبر الفرائض فيه وهي الصلاة ، وفي تعلق قلب المسلمي بأداء الصلاة في المساجد و انتظاره أوقاتها فيه فلا يصلي صلاة ويخرج منها إلا وهو منتظر وقت صلاة أخرى ؛ دليلٌ قويٌ على شدة إيمانه وحرصه على إرضاء ربه . لذلك فقد استحق من نال هذه الخصلة أن يكون ممن ينال ثواب الله و حمايته ورعايته ورحمته يوم القيامة .
رجلان تحابا في اللهالحب من أكثر الروابط ثباتاً ومتانة بين الناس ، ومن أصدق الوسائل للتعبير عن إنسانية الإنسان ، ومن أكبر القوى التي تدفع صاحبها للعمل و الإخلاص ، كما أنه علامة من علامات الإيمان .
ولا شك أن حبّاً اتخذ الإيمان بالله أساساً للعمل وللعلاقة بين الناس هو الذي يؤدي إلى خدمة الدين بأمانة وصدق ، ويُحقق تماسك أبناء المجتمع ووحدتهم . لذلك جعل الله لكل من تحابا في الله سواء أكانا رجلين أو امرأتين ، ودواما على محبته حتى لو تفرقا من مجلسهما بأن ينالا ثواب الله وحمايته و رعايته ورحمته يوم القيامة .
رجلٌ عفَّ عن محارم اللهالغرائز و الشهوات فطرة فطر الله الناس عليها ، وهي طاقة كامنة في النفس الإنسانية تجدد عزائم صاحبها وتدفعه لإعمار الأرض. إلا أن هذه الغرائز و الشهوات إن لم تتبع وفق الأحكام الشرعية و ضوابطها تُصبح سبباً من أسباب فساد المجتمع و انحراف أفراده وهلاكهم في الدنيا و الأخرة .
وقد ذكر رسول الله محمد في هذا الحديث فتنة دعوة المرأة ذات المنصب و الجمال الرجل إلى الفاحشة ، و بالرغم من وجود الغريزة ودوافعها ومحرضاتها يكون رد الرجل الرفض خشية الله تعالى ، و الحرص على الالتزام بشرعه . فقوق بمثل هذه القوة تُقدم طاعة الله ورضاه ، تستحق بتقديمها و تفضيلها هذا ، أن يكون صاحبها من ذكر أو أنثى ممن ينال ثواب الله وحمايته ورعايته و رحمته يوم القيامة .
رجلٌ تصدق بالسر و العلنالمال قوة يحقق بها الإنسان رغباته و شهواته في الحياة الدنيا . كما أنه من أكبر الوسائل التي يمكن أن يقترب بها العبد إلى الله ؛ وذلك لتعدد مجالات الخير و الصلاح التي تنال من خلاله سواء على مستوى الأفراد و تلبية حاجاتهم من مأكل و ملبس ، ومشرب ، و خدمات ...، أم على مستوى الدولة و المساهمة في دعم قوتها ، وتعزيز مكانتها العلمية و الاقتصادية . ومبادرة الإنسان من ذكر أو أنثى إلى التصدق بالقليل من المال و كثيره ؛ دليل واقعي على محبة الله وشعوره الصادق بحاجات الآخرين و العمل المباشر على تلبيتها . ولا شك أن في التأكيد على إخفاء الصدقة برهان عملي على إخلاص النية في هذا العمل و ان الدافع له إنما هو محبة الله لا الشهرة و حديث الناس . ومن ملك إخلاصاً مثل هذا كان كافياً عند الله أن ينال ثوابه ورعايته و حمايته و رحمته يوم القيامة .
رجلٌ بكى من خشية الله تعالىيحث الرسول محمد المسلمين في هذا الحديث على الذكر الخالص لله و النية الصادقة فيه عندما أبان بأن الله قد جعل لكل صاحب عين من ذكر أو أنثى فاضت عيناه بالبكاء من خشية الله بعيدة عن الرياء ، نصيباً من ثوابه و حمايته ورعايته و رحمته يوم القيامة.
للهم إنا نسألك زيادة في الدين ، وبركة في العمر ، وصحة في الجسد ، وسعة في الرزق ،وتوبة قبل الموت ، وشهادة عند الموت ، ومغفرة بعد الموت ، وعفوا عند الحساب ، وأمانا من العذاب ، ونصيبا من الجنة ، وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم ، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين واشفي مرضانا ومرضى المسليمين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات ، اللهم ارزقني قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ، اللهم ارزقني حسن الخاتمة ، اللهم ارزقني الموت وانا ساجد لك يا ارحم الراحمين ، اللهم ثبتني عند سؤال الملكين ، اللهم اجعل قبري روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار ، اللهم اني اعوذ بك من فتن الدنيا ،اللهم اني اعوذ بك من فتن الدنيا ، اللهم اني اعوذ بك من فتن الدنيا ، اللهم قوّي ايماننا ووحد كلمتنا وانصرنا على اعدائك اعداء الدين ، اللهم شتت شملهم واجعل الدائرة عليهم ، اللهم انصر اخواننا المسلمين في كل مكان ، اللهم ارحم ابائنا وامهاتنا واغفر لهما وتجاوز عن سيئاتهما وادخلهم فسيح جناتك، والحقنا بهما يا رب العالمين ،وبارك اللهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم