كانت الكرة المصرية قاب قوسين أو أدنى من الاحتفال للمرة الثانية فقط في التاريخ بالحصول على جائزة أفضل لاعب إفريقي من خلال محمد أبو تريكة. وعلى الرغم من حلوله ثانيا، فإن صانع ألعاب الفراعنة يرى أن القيمة الحقيقية في الرسالة التي يقدمها اللاعب وإخلاصه للكرة "لأن اللاعب لا يلعب بجوائزه" مثلما يؤكد.
وبدت أفكار أبو تريكة مرتبة أثناء حديثه لـFilGoal.com عن أجواء الاحتفال في نيجيريا، رؤيته لأسباب فوز إيمانويل أديبايور باللقب، رسالته الشخصية كلاعب كرة، وفرص مصر في بلوغ كأس العالم، إضافة إلى أمور أخرى.
ماذا كان شعورك بعد إعلان نتيجة جائزة أفضل لاعب وعدم فوزك بها؟
خرجت من الحفل وكأنني فزت بجائزة أفضل لاعب إفريقي، فالجميع ومنهم لاعبين نيجيريين كبار مثل أوستن أوكوتشا ودانييل أموكاتشي والأخير تحديدا قال لي بالإنجليزية You are the best أي "أنت الأفضل" وهو ما جعلني أشعر بأنني حققت شيئا ذي قيمة للنادي والمنتخب. وكانت مساندة الناس أهم عندي من الفوز بالجائزة، كما أن التواجد في القائمة النهائية التي تضم ثلاثة لاعبين شرف كبير.
لماذا فاز أديبايور بالجائزة من وجهة نظرك؟
أديبايور يلعب في أفضل دوري في العالم وهو الدوري الإنجليزي، ويظهر في بطولات كبرى مثل دوري أبطال أوروبا ويقدم مستويات جيدة مع فريقه أرسنال، وأحرز العديد من الأهداف المؤثرة في مباريات صعبة، وبالتالي فرصة مشاهدته وتقييمه من قبل مدربي القارة أفضل.
ولكن فرصة مشاهدتي طوال العام كانت أقل إذ لم تكن الأضواء مسلطة سوى في كأس الأمم الإفريقية وكأس العالم في اليابان، لأن دوري أبطال إفريقيا أيضا لا يتمتع بنسبة مشاهدة عالية.
ولكن في الأساس أديبايور لاعب كبير ويستحق الفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقي وأعتقد أنه سيتطور ويصل إلى الأفضل في الفترة المقبلة.
هل ترى أن المنافسة كانت منحصرة بينك وبين أديبايور؟
أعتقد أن الإصابة فقط هي ما أثر على فرص مايكل إيسيين، لأنه تألق في كأس الأمم الإفريقية مع غانا، كما قدم مباريات طيبة مع تشيلسي، ولكن الابتعاد لفترة طويلة بسبب الإصابة كلفه المنافسة على اللقب.
هل ترى نفسك رمزا للكرة المصرية بكافة ألوانها، أم أن الانتماءات للأندية تسيطر على الجماهير؟
من الطبيعي أن تتمنى جماهير كل ناد أن يكون فريقها هو الأفضل وأن يقدم أفضل المستويات ويحقق أفضل النتائج، ولكنني لا أنظر لكوني رمزا أم لا. أنظر للكرة باعتبارها رسالة أنجز من خلالها هدفا ما، أو أؤكد من خلالها على بعض القيم والأخلاق والمبادئ.
في بعض الأحيان أنجح في توصيل ما أريد، وفي أحيان أخرى قد أخطئ في الأسلوب الذي أريد به توصيل الرسالة، ولكن في النهاية أتبع خطا يتماشى مع القيم والمبادئ ومع الناحية الفنية وحبي لكرة القدم، التي تعد تقريبا الأمر الوحيد الذي يسعد المصريين الآن.
ورسالتي في الأساس أن أكون صادقا مع نفسي ومخلصا في عملي. فالشعار الذي رفعته للتضامن مع غزة (في كأس الأمم الإفريقية) كان محاولة للفت أنظار العالم لقضية ما واستغلال كرة القدم لتوصيل رسالة، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على خوض مباريات ضد الفقر، لأنني أريد توجيه الناس إلى أمور معينة، لأنني في النهاية أحد هؤلاء الناس، وأشعر بسعادة بالغة عندما أكون وسطهم أو أكون جزءا من عمل فيه فائدة لهم.
هناك رأي يقول إن عدم فوز أبو تريكة بجائزة أفضل لاعب إفريقي قد يعني الانتظار 25 عاما أخرى حتى ظهور لاعب مثل محمود الخطيب أو تريكة .. ما رأيك؟
مرت فترة طويلة منذ أن دخل لاعب مصري في القائمة النهائية التي تضم ثلاثة لاعبين فقط يتنافسون على الجائزة، وبالتالي كانت هناك فرصة كبيرة لحصول لاعب مصري عليها هذا العام، خاصة مع تقديم مستوى طيب مع النادي الأهلي والمنتخب، إضافة إلى غياب لاعبين كبار عن القائمة النهائية مثل صامويل إيتو وديديه دروجبا.
ولكن لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل. مصر لديها لاعبين يستطيعون في المستقبل القريب الحصول على الجائزة مثل عمرو زكي وميدو ومحمد زيدان أيضا، كما أنني سأظل أحاول الحصول عليها لأنه طموح مشروع طوال وجودي في مجال الكرة. ولكنني أود التأكيد على أن الألقاب الفردية تسعد صاحبها فقط، أما الألقاب الجماعية فتسعد شعوبا بأكملها.
هل عرفت اختيارات حسن شحاتة لأفضل لاعب في القارة؟
| | |
في بعض الأحيان أنجح في توصيل ما أريد، وفي أحيان أخرى قد أخطئ في الأسلوب الذي أريد به توصيل الرسالة، ولكن في النهاية أتبع خطا يتماشى مع القيم والمبادئ ومع الناحية الفنية وحبي لكرة القدم، التي تعد تقريبا الأمر الوحيد الذي يسعد المصريين الآن
محمد أبو تريكة |
| | |
|
| |
"الكرة رسالة" |
|
أفضل ما في المسابقة هو الشفافية الكاملة الموجودة في عمليات الفرز وإعلان النتائج، لأن كل المتنافسين علموا تماما فارق الأصوات والنقاط ومن صوت لصالحهم في المركز الأول أو الثاني أو الثالث. وعرفت قبل إعلان النتيجة أن كابتن حسن شحاتة اختارني في المركز الأول ثم عمرو زكي في المركز الثاني وأخيرا ديديه دروجبا.
ولكن ما أحزنني حقيقة هو عدم تصويت مدربي المنتخبات العربية لي. لم أحزن لأنني لم أفز بالجائزة بسبب عدم مساندتهم لي، وإنما لأن هذا الموقف قد يوضح كيف وصل الحال بين العرب وبعضهم بعضا.
إذا كنت أحد مدربي المنتخبات العربية، ورأيت أن اللاعب العربي المرشح غير كفء للجائزة، هل كنت ستعطيه صوتك؟
كل اللاعبين الذين اختيروا في القائمة النهائية أثبتوا كفاءتهم وأحقيتهم بالفوز بالجائزة، وإلا ما كانوا سيكونون مدرجين في قائمة تضم ثلاثة لاعبين فقط. ولكن إذا كان هناك لاعب عربي من بينهم، فالتعاطف مع اللاعب العربي واجب.
مثال على ذلك حسن شحاتة الذي كان مقتنعا بقدرات أديبايور، ولكنه لم يعطه صوته في المركز الثالث حتى لا يحصل على نقطة ينافسني أو ينافس عمرو زكي بها في حال بلوغ أحدنا التصفية النهائية، وفضل إعطاء صوته لدروجبا لأنه بعيد عن المنافسة، وهو فكر منطقي ومحترم بالطبع.
هل كنت ستعيد التفكير في الاحتراف إذا فزت بجائزة أفضل لاعب إفريقي؟
لا أعتقد ذلك، لأن الجائزة تعد تقديرا كبيرا للاعب، ولكن لا يوجد لاعب يحترف بجوائزه. كما أن خسارة الجائزة قد يكون دافعا أكبر للاحتراف حتى تكون هناك فرصة للفوز بها.
ولكن لدي وجهة نظر تقول أنني بلغت الآن عامي الـ30 وللنجاح في تجربة الاحتراف يجب أن يكون هناك فرصة ووقت طويل للتأقلم والتعود مع الأجواء الجديدة. لأن الاحتراف في حد ذاته ليس هدفا، وإنما الهدف هو ترك بصمة إيجابية في النادي الذي سأحترف فيه، لذا تأكدت أن البقاء مع الأهلي والتركيز للحفاظ على الإنجازات التي حققتها هو الأفضل بالنسبة لي.
هل تعتبر البقاء مع الأهلي أضمن من خوض تجربة قد لا تكون ناجحة؟
لا يوجد شيئا مضمونا، ولكن فرصة النجاح في مكانك الأصلي أكبر، لأنك تدري كل كبيرة وصغيرة عن المكان، وتتمتع برصيد كبير لدى جماهير فريقك، يجعلهم يساندونك في حال حدوث أي إخفاق، ولكن في الخارج لا يوجد لديك أي رصيد، وتحتاج إلى وقت كي تحصل عليه.
كيف ترى فرص مصر في كأس القارات في يونيو المقبل؟
المهمة صعبة بالطبع خاصة حينما يكون معك في البرازيل وإيطاليا في مجموعة واحدة، ولكن كل شئ ممكن في كرة القدم، ولكننا نريد في النهاية الاستفادة من البطولة كاحتكاك قوي، لأن الهدف ليس الفوز بكأس القارات وإنما التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2010.
وحلم التأهل لكأس العالم بات قريبا، خاصة وأننا وقعنا في مجموعة جيدة تضم الجزائر ورواندا وزامبيا، ونظريا منتخب مصر يعد المرشح الأقوى، ولكن يجب علينا أن نحافظ على التركيز والاستعداد الجيد في كل المباريات وليس أمام الجزائر فقط مثلما يظن بعض الناس.
كيف سيتغلب منتخب مصر على مشكلة تذبذب المستوى في المباريات المتفرقة مقارنة بالأداء القوي في البطولات المجمعة؟
هذا الأمر لن يكون مشكلة بعد الآن، الجهاز الفني ناقش هذا الأمر باستفاضة مع اللاعبين ومع اتحاد الكرة، وغالبا سنتجمع في معسكرات لمدة أسبوع أو عشرة أيام قبل أي مباراة هي فرصة جيدة للاعبين للدخول في أجواء اللقاء المقبل، ولكن المشكلة الوحيدة ستكون في تلاحم المواسم خاصة بالنسبة للاعبي الأهلي.